خط البؤس في أفريقيا ينتفض ضد المستعمر الفرنسي.. انقلاب في الغابون
سلسلة الانقلابات في إفريقيا تستمر. فبعد الانقلاب في مالي، في آب 2020 وأيار 2021، وغينيا، في أيلول 2021، وبوركينا فاسو، في كانون الثاني وأيلول 2022، والنيجر، في تموز2023. اليوم قامت القوات العسكرية في الغابون بالانقلاب على الرئيس بونغو. علاقة الرئيس بونغو بفرنسا جيدة وهو ما أتاح وجود عدد كبير من القوات الفرنسية هناك. صفعة جديدة تتلقّاها فرنسا في القارة السمراء.
بعد فوز الرئيس علي بونغو بولاية ثالثة، أعلن عسكريون في الغابون انقلاباً على السلطة وإلغاء الانتخابات وحل الدستور.
وفي التفاصيل، قال العسكريون الذين أكدوا أنهم يتحدثون باسم “لجنة المرحلة الانتقالية وإعادة المؤسسات”، إنهم “بسبب حوكمة غير مسؤولة تتمثل بتدهور متواصل للحمة الاجتماعية ما قد يدفع بالبلاد إلى الفوضى، قرروا الدفاع عن السلام من خلال إنهاء النظام القائم”.
إثر ذلك، خرجت حشود جماهيرية إلى الشوارع في الغابون معلنين تأييدهم للانقلاب على الحكم، وسط احتفالات مصحوبة بأداء النشيد الوطني.
#الغابون
مظاهرات مؤيدة للانقلابيين في شوارع العاصمة #ليبروفيل pic.twitter.com/tzm20cGhgg— أحمد حفصي || HAFSI AHMED (@ahafsidz) August 30, 2023
ومن جهتها، أفادت وكالة “رويترز” بأن ضباطاً كباراً في الجيش الغابوني ظهروا على قناة “غابون 24″، وأعلنوا سيطرتهم على السلطة.
ونقلت “رويترز” عن الضباط العسكريين في الغابون قولهم إن “الانتخابات الأخيرة لم تكن ذات مصداقية وتم إلغاء نتائجها”.
وقالت الوكالة إن الضباط في الجيش أعلنوا إغلاق حدود البلاد حتى إشعار آخر. وأضافوا أنهم يتحدثون باسم “لجنة المرحلة الانتقالية وإعادة المؤسسات” في الغابون.
كما لفتت وكالة “أ ف ب” إلى أن الضباط العسكريين في الغابون الذين سيطروا على السلطة قالوا إنهم يمثلون جميع قوات الأمن، معلنةً سماع إطلاق نار من أسلحة أوتوماتيكية في ليبرفيل عاصمة الغابون.
وفي أعقاب هذه التطورات، أعلنت شركة التعدين الفرنسية إراميت تعليق كافة عملياتها في الغابون.
هذا وكالة الصحافة الفرنسية عودة الإنترنت إلى الغابون بعد انقطاع دام 3 أيام.
وفي وقت سابق، أعيد انتخاب علي بونغو، الذي يحكم الغابون منذ 14 عاماً، رئيساً للبلاد لولاية ثالثة بحصوله على نسبة 64,27% من الأصوات، بحسب ما أعلنت الهيئة الوطنية المكلفة الانتخابات.
وتفوق بونغو في انتخابات جرت بدورة واحدة على منافسه الرئيسي البير أوندو أوسا الذي حصل على 30,77 %.
دولة عضو في أوبك
لدولة الغابون أهمية كبيرة في القارة الإفريقية، فهي غنية بالنفط والذهب واليورانيوم، لكن وفق البنك الدولي لا يزال ثلث السكان يعيشون تحت خط الفقر.
وهي تعد كذلك عضواً في منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك”، ورابع أكبر منتج للنفط في إفريقيا جنوب الصحراء.
وفقاً لبيانات منظمة أوبك، فإن الغابون أصبحت عضواً كامل العضوية في “أوبك” عام 1975، لكنها أنهت عضويتها عام 1995.
وانضمت مرة أخرى إلى المنظمة في 1 يوليو/تموز 2016.
تنتج البلاد نحو 181 ألف برميل من النفط يومياً، ولديها احتياطيات نفطية تقدَر بملياري برميل.
في عام 2020، شكّل قطاع النفط 38.5% من الناتج المحلي الإجمالي، و70.5% من الصادرات، على الرغم من الجهود المبذولة لتنويع الاقتصاد.
غنية بالموارد
وبالإضافة إلى النفط والذهب، فإن الغابون أيضا تمتلك وفرة من المواد الأولية، مثل المغنيسيوم.
وفقاً للبنك الدولي، فإن هذا البلد الإفريقي حقق نمواً اقتصادياً قوياً خلال العقد الماضي، مدفوعاً بشكل رئيسي بإنتاج النفط والمغنيسيوم.
وتعد البلاد صاحبة أعلى معدل دخل للفرد في إفريقيا بفضل ثرواتها في النفط والذهب واليورانيوم والمغنيسيوم.
أما عن عملتها، فإن هذه الدولة تتعامل بالفرنك الإفريقي، ولها شراكات تجارية مع الولايات المتحدة والصين وروسيا بالنسبة للصادرات، بينما تأتي أغلب الواردات من فرنسا.
وهذا البلد الإفريقي، واحد من أكبر منتجي اليورانيوم في العالم. ولديه احتياطيات كبيرة من خام اليورانيوم عالي الجودة.
بدأ إنتاج اليورانيوم في الغابون في أوائل عام 2000، ومنذ ذلك الحين نما ليصبح جزءاً مهما من الاقتصاد. وتمثل صادرات اليورانيوم حوالي 20% من إجمالي عائدات التصدير في هذه البلاد. ويتم تصدير غالبية اليورانيوم في الغابون إلى فرنسا والصين.
آخر محاولة انقلابية في الغابون
وقعت آخر محاولة انقلاب في هذا البلد، في 7 يناير/كانون الثاني 2019، عندما نجحت مجموعة من ضباط الجيش الغابوني في السيطرة على مبنى الإذاعة الوطنية، ومنعوا إذاعة كلمة الرئيس علي بونغو أونديمبا بمناسبة العام الجديد.
لكن ألقي القبض على الضباط المتورطين، وأعلنت الحكومة فشل محاولة الانقلاب.
علي بونغو
يرأس علي بونغو البلاد منذ 14 عاماً، وقد انتُخب أوّل مرّة عام 2009 بعد وفاة والده عمر بونغو أونديمبا الذي حكم البلاد أكثر من 41 عاماً.
وفي نيسان/ أبريل الماضي، أقرّ البرلمان الغابوني تعديلاً دستورياً قلّص بموجبه ولاية الرئيس من 7 إلى 5 سنوات وأنهى العمل بجولتي التصويت، ما عدّته المعارضة وسيلة “لتسهيل إعادة انتخاب” بونغو.
ويتمتع الحزب الديمقراطي الغابوني الذي ينتمي إليه بونغو بأغلبية كبيرة في مجلسي الشيوخ والنواب.
وأُعيد انتخاب بونغو بفارق ضئيل عام 2016 لا يتجاوز 5,500 صوت، ما دفع منافسه جان بينغ إلى اتهامه بتزوير الانتخابات.
لكن الرئيس أصيب بجلطة دماغية عام 2018 غاب في إثرها عن الظهور لأشهر، ما دفع المعارضة إلى التشكيك بقدرته على إدارة البلاد.
ورغم معاناته المستمرة من صعوبات في الحركة، فإنه أجرى في الأشهر الأخيرة جولات في كل أنحاء البلاد وزيارات رسمية إلى الخارج، شملت حضور عدد من القمم.
قلق أوروبي
وفي أول رد فعل من الخارج، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن وزراء دفاع دول التكتل سيناقشون الموقف في الغابون، واصفا ما يحدث في غرب أفريقيا بأنه مشكلة كبيرة لأوروبا.
وأضاف في كلمة خلال اجتماع وزراء دفاع دول الاتحاد الأوروبي في طليطلة بإسبانيا “إذا تأكد ذلك، فسيكون انقلاباً عسكرياً آخر يزيد من الاضطرابات في المنطقة بأكملها”.
من جهة أخرى، قالت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن في كلمة أمام مؤتمر للسفراء الفرنسيين إن باريس تتابع الوضع في الغابون عن كثب.
في غضون ذلك، أعلنت شركة إراميت الفرنسية للتعدين تعليق عملياتها في الغابون عقب تطورات الساعات الماضية.
وتملك إراميت وحدة كوميلوج لإنتاج المنغنيز في الغابون، وانخفضت أسهم الشركة بنحو 5% عقب قرار تعليق العمليات.